الغرز في الصغر يُنبت في الكبر، ومصاعب الحياة وتحدياتها، جعلت تعليم الأطفال تحمل المسؤولية أهم بكثير من ذي قبل. يحتاج الوالدان للعمل مع الأبناء ليأخذوا بيدهم نحو استيعاب فكرة المسؤولية، ومن ثم الإحساس بها والتعامل معها.
ولان الطفل بشكل عام متمرد، وفكرة تحمل المسؤولية لا يمكن أن تنمو من تلقاء نفسها، فأنها يجب أن تتطور بمساعدة خارجية، وبشكل متدرج ومرتب ومستمر حتى تؤتي ثمارها.
في هذا المقال نحاول مساعدة الوالدان لكي يبدأن في رحلة تعريف أبنائهم على الفكرة والعمل عليها.
في أبسط تعريف لها، هي أن يوفي الإنسان بالتزاماته أمام نفسه وأمام الآخرين، بحيث يمكن الاعتماد عليه والتصرف باستقلالية، وفي نفس الوقت أن يعي حدوده، وحقوقه ولا يتعداها.
كما أنه يتضمن الاعتماد على النفس والوفاء بالوعود والالتزامات وتحمل عواقب قراراتهم وسلوكهم بالإضافة إلى الاعتراف بالأخطاء وتقبل النصائح، وإرضاء الشخص لضميره في كل الأحوال.
يرجح أطباء السلوك التربوي أن تحمل المسؤولية يمكن أن يبدأ بخطوات بسيطة جدًا في سن ثلاث سنوات، حيث يتعود الطفل أن يحاول ربط حذاءه بنفسه، وتناول الطعام بنفسه، وهي عمليه استكشاف لا يجب فيها أن تحتوي على أي متطلبات من الطفل، أو محاولة استعجاله. إن عمر الثلاث سنوات هو فقط مجرد مدخل بسيط لفكرة الاستقلالية.
كلما تأخرت هذه المرحلة كلما أصبحت فرص تأقلم الطفل على فكرة تحمل المسؤولية أثقل وأصعب وتحتاج لمجهود مضاعف.
بجانب كل ما سبق، هناك مجموعة إضافية من المهارات يمكن دعم الطفل بها لكي تعزز من فكرة تحمل المسؤولية عنده، ومن أهمها.
المسؤولية، في أبسط صورها، هي أن يلتزم الطفل بواجباته تجاه نفسه والآخرين، وأن يكون شخصًا يمكن الاعتماد عليه. يشمل ذلك الاعتماد على النفس، الوفاء بالوعود، تحمل نتائج أفعاله وقراراته، الاعتراف بأخطائه، وتقبل النصح.
يوصي خبراء السلوك التربوي بالبدء في سن مبكرة جدًا، حوالي ثلاث سنوات. يمكن أن يبدأ الأمر بخطوات بسيطة مثل محاولته ربط حذائه أو تناول الطعام بنفسه. كلما بدأت مبكرًا، كان الأمر أسهل على الطفل ليعتاد على الفكرة.
تحمل المسؤولية يمنح الطفل:
الثقة بالنفس: للتعامل مع المواقف اليومية في المدرسة ومع الأصدقاء.
الهدف والدافع: يزداد دافعه ليصبح شخصًا أفضل كلما تعلم الاعتماد على نفسه.
الاستعداد للمستقبل: يؤهله لتحديات الحياة المستقبلية مثل الزواج، العمل، أو السفر.
تنمية الشخصية القيادية: يؤهله ليكون قائدًا ناجحًا في حياته.
زيادة الإنتاجية: يشعر بأنه المسؤول عن تقدمه الدراسي ونجاحه.
احترام الوالدين: يقدر اهتمام والديه به وثقتهم فيه.
ابدأ بمهام محددة: في عمر 3 سنوات، اطلب منه مهامًا واضحة مثل "ضع ألعابك في الصندوق" بدلاً من أمر عام مثل "رتب غرفتك".
طور المهام مع عمره: كلما كبر الطفل، أعطه مهامًا أكبر تتناسب مع عمره وقدراته، مثل إعادة طبقه للمطبخ (6 سنوات)، أو إحضار غرض من السيارة.
كن قدوة له: يجب أن يرى الطفل والديه يلتزمان بمسؤولياتهما تجاهه وتجاه المنزل والعمل.
اشرح مسؤوليات الأسرة: تحدث معه عن دور كل فرد في الأسرة، وأن له دورًا ومسؤولية مثلهم.
الثناء والتشجيع: اثنِ على أقل مجهود يبذله، وقدم له هدايا رمزية لتحفيزه عند إتمامه لمهمة ما.
استخدم الحديث الإيجابي: استخدم عبارات مثل "أنت قادر"، "أنا أثق بك"، "لقد كبرت وأصبحت أقوى".
اربط المسؤولية بالمستقبل: اشرح له كيف أن تحمله للمسؤولية الآن سيساعده ليصبح شخصًا ناجحًا في المستقبل، كأب أو قائد في عمله.
ثق به وركز على المحاولة: الأهم هو محاولته وليس النتيجة النهائية. لا تتدخل إلا للضرورة القصوى وقدم له التوجيه والمشورة.
امنحه فرصة لإصلاح خطئه: إذا أفسد شيئًا، فإن إعطاءه الفرصة لإصلاحه هو تدريب عملي ومهم على تحمل عواقب أفعاله.