يترك المًعلم بعمله وشخصيته وتفرده أكبر الأثر في طلابه، هو ليس فقط مصدر للمعلومة الأكاديمية، ولكنه القدوة والمثل الطيب، وكل خطوة يخطوها أو حركة بسيطة يقوم بها تظل في ذاكرة الأجيال التي يدرس لها، ولذلك فإن أهميته من أهمية وجود العملية التربوية وليس فقط التعليمية.
رؤية المعلم لذاته هامة وضرورية لكي يقوّم شخصيته وأدائه للوصول إلى أفضل مستوى يمكن أن يكون عليه، من أجل أن يصبح جديرًا بحجم مسؤولية تربية النشء.
فكرة التقويم الذاتي في الأساس تعتمد على تقييم الفرد لأدائه بنفسه من أجل التطوير، وربما يكون المعلم هو أحوج من يكون لها نظرًا لحساسية مكانته وتأثيره الممتد على الأجيال القادمة من طلابه.
وتكمن أهمية هذه الفكرة في أن يقوم المعلم بوضع نفسه تحت التقييم بنفسه قبل أن يقومه الآخرين، وهي في حد ذاتها فكرة نبيلة تتيح له تعميق تجربته الشخصية ورؤيته لنفسه.
يجب ان تتوافر عدة عناصر في التقويم الذاتي الذي يعتمده المعلم لنفسه، وبرغم تباين هذه المجالات إلا أنها ترتبط جميعها ببعضها ارتباطّا وثيقًا.
ويمكن قياسها عن طريق اختبارات التقويم الذاتي المتوفر على شبكة الإنترنت، فقط احرص على انتقاء الجيد منها حتى ولو كانت غير مجانية.
ويمكن قياسها عن طريق استبيانات يملأها الطلبة أو الزملاء المتطوعين للحضور.
وتقاس عن طريق خطة مكتوبة في بداية العام الدراسي للأهداف التي يود المعلم أن يحققها، ووضع علامة امام ما تحقق منها وما يحتاج إلى تنفيذ.
ويتم فيها تقييم قدرة المعلم على التحضير للمحاضرة ومدى مطابقتها للمنهج وعناصره الأساسية.
ويقوم فيها المعلم بمحاولة قياس الجو العام داخل الصف الدراسي، ومدى قدرته على استيعاب جميع الثقافات والأعراق داخل الفصل وتحقيق فكرة الدمج بنجاح.
ويتم فيها قياس درجات التفاعل بين الطلاب والمعلم، وكذلك تفاعلهم مع بعضهم البعض، وأيضًا النسق الذي يتقدمون به في مسارهم الأكاديمي.
وفيها يقوم المعلم باختبار نسق أخلاقياته، وقدرته على الحيادية والتواصل مع ولي الأمر، مع تأمل المعلم لممارساته الذاتية، التي تشمل ألفاظه، وطريقة حديثه، وأخلاقياته، وسلوكياته الاجتماعية.
عدم تطبيق فكرة التعليم الذاتي تحرم المعلم من تجربة إنسانية فريدة، وتجعله عرضة لتقديرات الآخرين التي قد تكون منصفة وقد تكون غير ذلك.
كما أنها تنمي شعور خاطئ لدى المعلم أنه جيد في كل الأحوال أو أنه فوق المحاسبة، وهو أمر غير حقيقي.
إن اتباع سياسة التقويم الذاتي للمعلم هي من أهم العناصر التي تضمن نجاحه المهني والشخصي، وتعطيه الدفعة والحماس والحافز لكي يكمل مسيرته في تربية النشء بنجاح وهمة ووعي.